search
burger-bars
Share

النجاحكلمةٌ تُعدُّ إحدى أجمل وأحبُّ الكلمات لقلب الإنسان.

فكلّ البشر- صغاراً كانوا  أَم كباراً - على اختلاف ثقافاتهم وظروفهم يَحلُمون به و يَرجونه، بل يَسعون

بكلّ طاقاتهم لإدراكه مهما كلّفهُم ذلك من ثمن!

به نَجِد الحافز لإكمال الطريق، وبدونه تضعُف الطّاقات وتهبط الهِمَم ولا يجد الإنسان معنىً ودافعاً للحياة.

ما هو النّجاح، وما معطّلاته؟. لماذا يجده البعض، بينما يكون لآخرين صعبَ المَنال؟ فيما يلي ستجد إجابةً على هذه الأسئلة وغيرها ممّا يُتيح لنا فهماً أكثر للموضوع.
·  ما تعريف النّجاح؟ ومن هو الشّخص النّاجح؟

هناك مفاهيم كثيرة يُمكن لنا أن نعتبرها سهلة وصعبة في الوقت نفسه، ربّما لأنّنا نفهمها كثيراً للدّرجة التي قد يصعُب علينا معها أن نجد لها تعريفاً أو مفهوماً مُحدّداً!، ورُبّما يُعدُّ مفهوم النّجاح أحد هذه المفاهيم!.

لكنّني إن حاولت أن أضع وصفاً أو تعريفاً للنّجاح، أقول: "إنّه هو القُدرة على التّقدُّم والتطوّر والإنجاز وبلوغ الأهداف المرجُوّة بكفاءة وفاعليّة". ومن خلال هذا التّعريف المُبسّط يُمكننا أن نعرف القَدْر اليسير عن مُقوّمات النّجاح (أو لِنقُل الشّروط أو الأمور الواجب توافرها لإدراك النّجاح).
وبالتّالي، فالشّخص النّاجح هو ذلك الشّخص الذي يستطيع أن يُسخّر إمكاناته وطاقاته لمصلحته ولتحقيق ذاته للوصول لغاياته وأمانيه.

· مفاهيم مغلوطة عن النّجاح!

يخلط الكثيرون من البشر بين مفهومهم عن النّجاح، وبين مفهوم الأنانيّة وإشباع الذّات أو اللذّات والرّغَبات والشّهوات. ولأوضّح ما أعنيه، أقول: "إنّ الكثيرين يظنّون أنّي أكون ناجحاً عندما أمتلك أموالاً طائلة وسيّاراتٍ فارهة وفخمة وقصوراً ومُمتلكاتٍ ثمينة. أو أنّ النّجاح هو أن أتزوّج بامرأة جميلة، وأن أمتلك الصحّة والشُّهرة والجّاه و... الخ". أمّا بالنّسبة لي فأنا لا أختلف مع أحد على أنّ أمرَ امتلاك أشياء كهذه هو شيء رائع بل ومرغوب، لكنّ السؤال المُهمّ هو: هل هذه هي السّعادة، وهل هذا هو النّجاح الحقيقي؟. لستُ أظنّ، ولنسمع معاً اختبار الحكيم سليمان الذي يُقدّم لنا خبرته العميقة في الحياة إذ يقول في سِفر الجامعة 2: 5 - 11 .

· ما هي مُقوِّمات النّجاح؟ (شروط تلزَمُني لأُدرِك النّجاح)

هناك بعض العناصر الواجب توافرها وتفاعلها معاً ليتحقّق النّجاح، فالنّجاح عمليّة مُتشابكة. هو ليس عُنصراً أُحاديّاً، بل هو عدّة عناصر تتضافر وتعمل معاً بانسجام لتُحقّق الهدف المُراد، ومن هذه العوامل ما يلي:

ـ معرفة الفرد للإمكانات والمواهب والقُدرات التي لديه جيّداً، ليُحسن توجيهها واستغلالها بكفاءة.

ـ القُدرة على فهم الذّات والتّعامل معها بدِراية ونُضج.

ـ قبول النّفس والرِّضى الإيجابي بما قَسَمه الله من إمكانات ومواهب وعطايا، وأقصد هنا بالرِّضى الإيجابي عدم التّذمُّر أو التّطلُّع لإمكانات الآخرين بحَسَد أو شعور بالنّقص،... الخ. لكن هذا بالطّبع لا يحول دون أن يتطلّع الإنسان ويسعى بكلّ ما لديه من قُوّة نحو تطوير إمكاناته ليقدر أن يستغلّها بحدّها الأقصى، ويُطوّرها ليُحقّق أعظم استخدام لها لمصلحته ولمصلحة الآخرين أيضاً.

ـ القُدرة على التّكيّف مع المفاجآت والظّروف غير المُؤاتية.

ـ الثّقة بالنّفس والأمانة والقُدرة على التّعبير عنها بكفاءة.

ـ السّلام الدّاخلي النّابع من تصالُح الإنسان مع نفسه ومع ربّه ومع من حوله.

 ·لماذا يُدرك البعض النّجاح، بينما يفشل آخرون في إدراكه؟

يُمكن أن يكون لذلك أسباب مُتعدّدة، منها المُعطّلات (وهي عكس تلك المُقوّمات التي تحدّثنا عنها سابقاً، وسيأتي الحديث عنها لاحقاً). ومنها أيضاً ألّا يكون لدى الإنسان الرّغبة الحقيقيّة أو الدّافع الصّادق لإدراك النّجاح، أو ألّا يكون لديه الاستعداد أن يجتهد ليُحقّق النّجاح!، فالنّجاح ليس مشواراً سهلاً بأيّ حال، لكنّه طريقٌ طويلٌ وشاقٌّ ومُكلِفٌ لمن يريد أن يبلُغَه!. قال أحد الشّعراء:
                            وما نيلُ المطالِبِ بالتّمنّي          ولكن تُؤخذُ الدُّنيا غلابا

 · ما هي مُعطّلات النجاح؟
كما سبق وقلنا، إنّ هناك عوامل كثيرة لا بدّ أن تتوفّر لإدراك النّجاح. والعكس صحيحٌ أيضاً، فهناك عوامل كثيرة يُمكن أن تُعيق النّجاح أو تحُولُ دون إدراكه، وهي ببساطة في مُجملها عكس المقوّمات التي سبق أن تحدّثنا عنها، ولكنّي أذكر هنا بعضاً منها بإيجاز:

ـ الكسل والتّراخي والرّضى السّلبي المُستكين عن الوضع الحالي، وعدم سَعي الإنسان وتطلُّعه لإدراك مستوى أفضل وأعظم.

ـ الأنانيّة وحُب الذّات والظّهور والتّعالي على الآخرين.

ـ التذمُّر وعدم قبول الذّات أو الإمكانات التي رتّبها الله للإنسان.

ـ الخصام والعداوات والتحزُّبات تُفقد الإنسان سلامه وصفاءه النّفسي، وكذلك في علاقته مع نفسه ومع الآخرين، ومن ثمّ بالتّبعيّة يفقد أيضاً قدرته على تحقيق وإدراك النّجاح.

- عدم التّركيز في العمل، التّشتيت والقيام بأكثر من عمل في وقت واحد دون الانتهاء من أيٍّ منها.

- عدم استغلال الوقت بكفاءة.

· المفهوم المسيحي للنّجاح:
إنّ النّجاح المسيحي ليس مقياسه الغِنى أو الثّروة، الشُّهرة أو الجاه. إنّما هو فقط في معرفة الله الذي هو وحده مصدر كلّ نجاح وفَلاح وبركة. والنّجاح المسيحي هو نجاح رَغم الظّروف وليس بسبب الظّروف. النّجاح المسيحي لا يُبنى على عطايا وهِبات أرضيّة زمنيّة يُمكن أن تفنى وتزول (مثلها مثل حياة الإنسان نفسها)، لكنّ النّجاح المسيحي هو عطيّة الله المُحب لأبنائه الأحبّاء، فهو كأبّ يعرف مصلحتهم أكثر منهم، فإنْ أعطى الصحّة أو سمحَ بالمرض، أو إنْ أعطى الغنى أو سمحَ بالفقر، أو إنْ هو أعطى بركة ما وحجبَ أخرى، فليكن علينا في كلّ الأوقات والظّروف أن نقبلَ من يدهِ الصّالحة ما تُقدّمه لنا،  عالِمينَ يقيناً أنّ الله يجعل كلّ الأشياء تعمل معاً للخير لأولئك الذين يُحبّونه. فهل تقدر أنت أن تقول إنّك تحبّ الله بحقّ؟

 · كيف أجدُ الطّريق إلى النّجاح؟
يتطلّب الأمر منك إذاً أن تسعى وتجتهد قَدرَ طاقتك لتُحقّق النّجاح. لكن ما يلزمني أن أعود لأؤكّد وأقول لك ثانيةً: "إنّ النّجاح الحقيقي مَنبعه ومصدره هو الله".

إنّ الوحي المُقدّس يُحدّثنا عن الصدِّيق يوسف وسرّ نجاحه في الحياة رغم كل الآلام والضّيقات التي تعرّض لها. لقد كانت حياة الصدِّيق يوسف ممتلئة من أوّلها بالكثير من الاضطرابات والضّيقات التي ربّما يَصعُب على أيّ بشر احتمالها، فما  بين حِقد إخوته عليه وغيرتهم منه ومحاولتهم التّخلُّص منه، إلى افتراء زوجة فوطيفار عليه لرفضه مُمارسة الرّذيلة معها والتي تسبّبت بسَجنه ... إلخ، نالَ ما ناله من العذابات والقَهر، لكنْ نهايته كانت عظيمة ومجيدة ومُبارَكة، أي كانت "ناجحة" بكلّ ما للكلمة من معنى. وإن كانت قصّة كهذه يُمكن أن نَمرّ نحن عليها بأسف وأسى، إلّا أنّني أعتقد أنّ الأمر ليوسف نفسه كان أمراً صعباً جدّاً، ولو لم تكن قوّة الله معه لما كان قد استطاع أن ينجح هكذا، وهذا هو سرّ النّجاح تكوين 39: 2 . كما يُعرّفنا أيضاً داود النّبي أنّ البارّ هو في المزمور الأول .

عزيزي ....

من الطّبيعي والمنطقي أن نقبل فكرة أنّ النّجاح يأتي من عند الله، فهو تعالى مصدر كلّ خير وصلاح وبركة بالنّسبة لنا جميعاً، بل هو ـ جلّ اسمه ـ مصدر كلّ حياة بالنّسبة لنا وبالنّسبة لكلّ خلائقه جميعها.

عزيزي، إن كنت حقّاً تبتغي النّجاح فاسأل نفسك: هل لك علاقة مُخلِصة وواثقة وأمينة مع هذا الإله الحي؟. وإن لم تكن إجابتك بالإيجاب يقيناً، إبدأ منذ الآن في تأسيس هذه العلاقة الهامّة والتي سيكون بمقدورك من خلالها ـ ومن خلالها فقط ـ أن تُحقّق النّجاح المرجو.
وأنا أتمنّى لك كلّ نجاح وازدهار، اللّهُمّ آمين.

إذا كان حديثي هذا قد أثار عندك أسئلة أو تعليقات، أو إن كانت لديك خُبُرات تودُّ أن تشاركني بها، فاكتبها لي وسأكون سعيداً باستقبالها منك، والله معك.

اقرأ أيضاً:

واستمع إلى:

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads

الإنجيل